-->
28167049391839450

تعريف و أسباب عصاب الوسواس القهري

الخط
تعريف الوسواس :
مرض نفسي يتميز بوجود تصور أو طقوس حركية أو دورية أو فكرة تراود المريض وتعاوده أو تلازمه دون أن يستطيع طردها أو التخلص منها بالرغم من شعوره وإدراكه لغرابتها وعدم واقعيتها أو جدواها .
 بل إن المريض يبذل من طاقته الكثير لمحاولة درء مثل هذه الأفكار عن ذهنه ، حتى يصبح شاغله الشاغل هو القضاء عليها واستبعادها . أنا باستخدام منطقة في إقناع نفسه بعدم واقعية أو جدوى الفكرة ، وآنا آخر باللجوء إلى الآخرين لإقناعه بذلك.

 فقد تكون هذه الفكرة فكرة عامة ، غير ذات أهمية إطلاقا للمريض ، مثل التفكير فيما إذا كانت البيضة ، وجدت قبل الدجاجة ، أم العكس . وقد تكون لها أهمية عاطفية ، مثل التفكير في وفاه أحد الأقارب .

 وأحيانا تكون الفكرة مرتبطة بحادث يهم المريض ولكنها لا تتفق مع واقعه وحقائق الأشياء مثل تفكير طالب ما فيما إذا كانت نتيجة امتحان العام السابق نتيجة صحيحة أم لا ، وذلك رغم انتقاله إلى السنة الدراسية التالية ، ورغم أنه يحاول إبعاد هذه الفكرة عبثا.
إذن فلا غرابة إذن أن تظهر على المريض الوسواسي أعراض الإرهاق والتعب لكثرة ما يبذل من طاقة في الوسواس وفي مقاومته .   

أما الفكرة الوسواسية التي تشغل بال المريض فقد تظل هي نفسها دون تغيير ، أو قد تختفي لتحل محلها فكرة أخرى لتختفي حتى تعود الفكرة الأولى أو تحل ثالثة محلها ، كما قد تجتمع أكثر من فكرة وسواسية في نفس الوقت

والأفكار الوسواسية كثيرة يصعب حصرها ، فهذا مريض تلح عليه فكرة أن كل أفراد الجنس الآخر ينظرون إليه نظرات جنسية ، وآخر تلح عليه فكرة أن الآخرين من الجنس الآخر يفسرون نظراته على أنها جنسية صرفة ، ويبدو لذلك مرتبكا في حضرتهم وخجولا ، وثالث عليه فكرة أنه شخص فاشل لا يصلح لشيء ..الخ ، وعندما تحدثنا في هذا الفصل عن مظاهر الأمراض النفسية ذكرنا كمثل على اضطراب التفكير وسواس أم عند خروج ابنها . وبطبيعة الحال ، فإن الإقناع المنطقي يفشل في علاج المريض الوسواسي ، طالما أن هذه الأفكار لم تأت نتيجة منطقيتها ، بل إنها تعتنق بالرغم من مخالفتها للمنطق وللواقع معا .

فالوسواس والقهر أو الحواز عادة متلازمان كأنهما وجهان لعملة واحدة .

تعريف القهر:
فهو عبارة عن قيام المريض بأفعال حركية رتيبة جامدة متكررة ( على نمط واحد ) لا تحقق له أية فائدة ، وليس لها معنى منطقي لدى الغير ، بل وربما لدى المريض نفسه ، وإن كان في بعض الأحيان يلتمس لها المريض أسبابا : مثل المريض الحوازي الذي يكرر غسل يديه مئات المرات بحجة وقاية نفسه من المرض عن طريق إزالة الجراثيم التي تعلق بيديه بغسلها باستمرار 
وفي حالات كثيرة ، يجاهد المريض القهري نفسه بنفسه ليمنعها من إتمام الفعل القهري لاقتناعه بعدم جدواه وبعدم منطقيته ، لكنه في النهاية يفشل في ذلك ويستسلم للدافع الداخلي الذي يطالبه بإتمام الفعل القهري . 

ومعنى هذا أن الدافع وراء الفعل القهري يكون أقوى من الإرادة الشعورية للمريض بحيث يريد المريض على المستوى الشعوري التخلص من القيام بالفعل الحوازي لإدراكه ما فيه من غرابة وعدم فائدة ، لكن المريض يجد نفسه في نهاية الأمر مقهورا ومستسلما لأداء هذا الفعل الحوازى  ، حتى أن بعض العلماء يميلون إلى تسمية الأفعال الحوازية بالأفعال القهرية ، نسبة إلى أن المريض يكون مقهورا على تكرار أدائها بالرغم عنه ، والقهر هنا بطبيعة الحال هو القهر الذي تقوم به الدوافع اللاشعورية التي لا يدري عنها شيئا .

أما الأفعال القهرية ، التي يمكن أن تصبح أعراضا لمرض القهر ، فهي كثيرة لا يمكن حصرها ، فهذا مريض يقوم عدة مرات من سريره قبل الاستغراق في نومه للتأكد من أن باب الشقة مغلق ، وهذا آخر يقوم بأفعال محددة وبترتيب جامد قبل أن يخرج من المنزل فيفتش كل حجرات المنزل تفتيشا دقيقا ، فينظر تحت الأسرة ويفتح الدواليب .. 
ويكرر ذلك عدة مرات حتى يطمئن بنفسه ،  إلى أن كل شيء على ما يرام .. وهذا ثالث يعد درجات السلم الذي يصعده ، فإن شك في ،  أنه قد أخطأ العد نزل ثانية لإعادة العد .. وهكذا . وإذا ما حيل بين المريض وبين أن يتم فعله الحوازي أصيب بقلق بالغ وخوف شديد من المجهول ، حتى تتاح له فرصة إنجاز فعله الحوازي فيهدأ إلى حين ، لكي تعاوده من جديد الرغبة في تكرار فعله الحوازي .. وهكذا .

يظل المريض نهبا لدوافع إتيان الفعل الحوازي ولمحاولة تجاهله ثم استسلامه لإتمامه في نهاية الأمر . ثم لا يلبث قليلا حتى تعود هذه الدوافع من جديد ليستسلم لها المريض من جديد ، بعد محاولات جاهدة لمقاومة إتمامها . وهكذا ، يقضي حياته طالما ظل مريضا ، ولا يخفي مدى تأثير هذا المرض على تبديد طاقة المريض في أفعال متكررة لا طائل من ورائها ، وفي محاولات من جانب المريض لمقاومة هذه الأفعال وعدم إتيانها الأمر الذي يسبب إنهاكا شديدا للمريض ، وضيقا بالغا له .

أسباب عصاب الوسواس القهري :
فيما يلي أهم أسباب عصاب الوسواس والقهر :

1 - الوراثة :
ويدل على أهمية هذا العامل أننا نجد أن شخصية والدي المريض بهذا العصاب قد تتصف هي أيضا بالنزعة إلى الوسوسة.

2– التكوين الجسمي :
يغلب التكوين الجسمي النحيف على مرضى هذا العصاب .

3 – أسباب بيئية مهيئة :
أ - كتقليد سلوك الوالدين أو الكبار المرضي بالوسواس والقهر .
ب - والإحباط المستمر في المجتمع ، والتهديد المتواصل بالحرمان ، وفقدان الشعور بالأمن ، ولذا يبدو المريض وكأنه يتلمس الأمن ، ويتجنب الخطر في النظام والتدقيق والنظافة وغير ذلك من أعراض الوسواس والقهر .
ج – التنشئة الاجتماعية الخاطئة والتربية المتزمتة الصارمة المتسلطة الآمرة الناهية القامعة ، والقسوة والعقاب ، والتدريب الخاطئ المتشدد المتعسف على النظافة والإخراج في الطفولة .
وقد تكون الأسباب البيئية مرسبة ، فيبدأ المرض عقب وقوع حادث نفسي معين ، مثل خيبة الأمل والإصطدام بواقع الحياة ، لاسيما وأن قيم ومثل المريض تكون – عادة – بعيدة عن الواقع.

4 – أسباب فسيولوجية :
يوجد الكثير من الشواهد أو الملاحظات التي تؤيد احتمال نشأة هذا المرض من أسباب فسيولوجية ، فظهوره في الأطفال بكثرة حيث الجهاز العصبي لم يكتمل نضجه ، وكذلك وجود المرض بطريقة دورية وفي هيئة نوبات متكررة ، مع اضطرابات الموجات الكهربائية في الدماغ ، مع ظهور هذا المرض بعد أمراض خاصة في الجهاز العصبي مثل الحمى المخية ، والصرع النفسي الحركي ، كل ذلك يؤيد الأساس الفسيولوجي .

5 – أسباب نفسية :
أ - كالصراع بين عناصر الخير والشر في الفرد ، والصراع بين إرضاء الدوافع الجنسية والعدوانية وبين الخوف من العقاب وتأنيب الضمير ، ووجود رغبات لاشعورية متصارعة تجد التعبير عنها في صورة الفكر الوسواسي والسلوك القهري ، وكذلك الصراع بين التمرد على مطالب الكبار وتقبلها .
ب – الخوف ، وعدم الثقة في النفس والكبت .
ج – ويعتقد أصحاب المدرسة السلوكية أن الوسواس يمثل مثير شرطي للقلق ، ولتخفيف القلق يقوم الفرد بسلوك معين يخفف القلق المرتبط بالفكر الوسواسي .
د – ويرى فرويد أن بعض حالات الوسواس والقهر ترجع إلى خبرة جنسية مثلية سلبية ، تكبت وتظهر فيما بعد ، معبرا عنها بأفكار تسلطية وسلوك قهري .
كما ويرى فرويد أن هذا المرض يرحع إلى اضطراب في المرحلة الشرجية في تكوين شخصية الفرد.
هـ – ويعتبر التكوين العكسي من أهم الحيل الدفاعية في عصاب الوسواس والقهر ، مثلا الأم التي تحاول التخلص من جنينها ثم تمنت موته عند ولادته ، وبعد ولادتها أصبحت تغسل يديها مرارا قبل لمسه وتغلي ملابسه وأدوات رضاعته باستمرار ولا تسمح لأحد أن يلمسه ، خشية تعرضه للعدوى والمرض .
و – وتلعب حيلة الإلغاء أو الإبطال دور هام في عصاب الوسواس ، وفيه يلغي المريض ما قام به فعلا من سلوك ، لأنه غير مقبول شخصيا أو اجتماعيا ، كالأم الذي تلغي عقابها لطفلها بإغراقة بالحب .
ي – الشعور بالإثم وعقدة الذنب ، وتأنيب الضمير ، وسعي المريض لاشعوريا إلى عقاب ذاته ، ويكون السلوك القهري بمثابة تكفير رمزي ، وإراحة للضمير ( فمثلا يمكن أن يكون غسيل الأيدي القهري رمزا لغسيل النفس وتطهيرها من الإثم المتصل بخطيئة أو بخبرة مكبوتة )
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

نموذج الاتصال
الاسمبريد إلكترونيرسالة